القوة وأنواعها في بيئة العمل

قالت عالمة النفس نيكول ليبكين لموقع Business Insider: "تميل القوة إلى الوصول إلى رؤوس الناس". "نحن لسنا مدربين حقًا على التعامل مع السلطة بشكل جيد."

فكر معي عزيزي القارئ في آخر مرة عدت فيها إلى المنزل من العمل وكانت مشاعرك مختلطة بتعب جسدي، نفسي، ارهاق، امتعاض، يأس، احباط وربما غضب. احساس عدم وجود طاقة للعائلة سواء كنت متزوج او اعزب او حتى للاصدقاء او اي نوع من انواع التواصل الشخصي والاجتماعي. احساس بالملل وعدم الرضى عن كل شئ واي شئ. وانت بداخلك ان ما انت عليه الآن ليس فعليا ما كنت او ما انت عليه سابقا وانه نتيجة لكل ما يمر عليك خلال يومك في العمل. اذا مر عليك هذا الشعور بيوم من الأيام واستمر بسبب عملك فأعتقد انه من حق نفسك عليك ان تقف هنا وتبدأ بالتفكير قليلاً في ما آلت عليه الأمور ولماذا؟ وتحاول ان تصل لحل او قرار للتعامل مع وضعك الراهن. وبالنسبة لي ولك ولكل من يحب عمله في هذه الحياة او يحب العمل بشكل عام، فإن الشعور بالسلبية مؤلم بشكل مضاعف لأنه لا ينبغي أن يكون بهذه الطريقة.

رغم إننا نقضي الكثير من الوقت والطاقة في العمل، اذا كان بحدود العمل وبشكل صحي ولايؤثر علينا بشكل سلبي خارج اوقات العمل فهو وضع عادي لأننا نمر بأوقات مختلفة نشعر فيها أحياناً بالإيجابية و أحياناً بالسلبية، ولكن الشعور والتعامل بسلبية في مكان العمل وبإستمرار، هو بلا شك جزء من سبب المشكلات النفسية واحياناً الجسدية لكثير من الناس ولا سيما إنهائها بالإستقالة في كثير من الحالات. إنه أيضاً السبب الذي يجعلنا في كثير من الأحيان لا نرتقي إلى مستوى إمكاناتنا الكاملة. عندما نكون عالقين في حالة تنافر ، نفقد قدرتنا على التعلم الواعي، ونتخذ قرارات سيئة، نحن لسنا مبدعين للغاية ولا نتكيف مع تغير العالم من حولنا، نحن لا نركز ، لذلك لا ننجز الكثير. باختصار ، المشاعر السلبية تجعلنا أقل إنتاجية.

هناك الكثير من الأسباب التي تجعلنا نشعر بكل المشاعر السلبية تجاه العمل منها عدم وضوح القوانين في المنشأة، تغير الإدارة، التنمر من زملاء العمل او المدير، احيانا عدم وجود اعمال تقوم بها ولا وصف وظيفي واضح، التكتلات في مقر العمل، نسب اعمالك لمديرك، تسلط المدير وغيرها الكثير.

من بداية من اطلاق بودكاست حيث اللانهاية، بدأت أتلقى من عدد من المتابعين للمدونة والبودكاست طلبات متعددة للكتابة والحديث عن بعض المواضيع المؤرقة في مقر العمل وكان ابرزها "القوة في مقر العمل". يطول الحديث وتكثر الخبرات في الحديث عن موضوع القوة حيث وانا اكتب الآن يمر علي شريط من ذكريات أماكن عملي السابقة ومختلف المواقف التي مرت علي وعلى زملاء لي واحاديث مختلفة عن أنواع المدراء واستخدامهم للقوة  سواء ممنوحة او مكتسبة في اماكن مختلفة للعمل وقطاعات مختلفة منها المبهج ومنها المؤسف. وعليه قررت البدء بالبحث عن بعض المعلومات عن القوة في مقر العمل أنواعها وتأثيرها حتى نكون كعاملين بمختلف المنشآت متنبهين لما يواجهنا فهمه الوعي له بالتالي في حال مواجهته نكون على علم بما نواجه وعليه نقرر ماذا ستكون ردة فعلنا.

ماذا نعني بقوة مكان العمل؟

يصف ستيفن ماكشين وماري فون جلينو في كتابهما "السلوك التنظيمي" القوة بأنها قدرة شخص أو مجموعة من الناس على التأثير في الآخرين.

القوة هي أداة او سلوك تستخدم في مكان العمل، وبناء على طريقة استخدامها سواء بطريقة سلبية او ايجابية يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية أو سلبية في مكان العمل. القوة المستخدمة بشكل إيجابي من شأنها تعزيز مشاركة الموظفين وعلى عكسها القوة المستخدمة بشكل سلبي يمكن أن تؤدي بسهولة إلى فك ارتباط الموظفين وفي أحيان كثيرة استقالتهم.

أشكال تعريف القوة

كل موظف في المنشأة سواء في اعلى او اقل مكانة في السلم الإداري او الهيكل التنظيمي  يمارس شكلاً من أشكال القوة في مكان العمل. القوة ، في جوهرها ، هي قدرة الشخص على ممارسة إرادته على شخص آخر. تعتمد الطريقة التي يختار بها الشخص استخدام القوة في سياق مكان العمل بشكل كبير على شخصية الموظف ومكانته داخل الشركة. يحدد وضع العمل أيضاً الطريقة الصحيحة لممارسة السلطة او القوة. قد يجد الموظف الذي يحاول ممارسة نوع من القوة غير المناسبة لموقف معين زملاء العمل أقل تقبلاً للإمتثال لمطالبه.

أنواع ومصادر قوة مكان العمل

في عام 1959 ، نشر عالما الاجتماع الأمريكيان جون فرينش وبيرترام رافين مقالًا بعنوان "أسس القوة" يعتبر أساس تصنيف القوة في المنظمات. وحددوا خمسة مصادر للقوة ، وهي: القوة القسرية ، والمرجعية ، والشرعية ، والخبيرة ، وسلطة المكافأة.

القوة القسرية

هذا هو المكان الذي تكون فيه التهديدات والقوة هي القاعدة. عندما يستخدم القائد او المدير التهديدات أو العقوبات للتلاعب بسلوك الموظفين، فإنه يستخدم القوة القسرية. قد يجبر المدير الموظف على العمل لساعات طويلة او حتى خارج اوقات العمل للوفاء بالموعد النهائي للمشروع ويهدد بطرد العامل أو إعطاء مراجعة سيئة للأداء إذا لم تتحقق التوقعات. من نواحٍ عديدة ، فإن الشخص الذي يستخدم هذا النوع من السلطة يعمل كمتنمر في المكتب ، وبالتالي لن يكتسب احترام وولاء من هم تحت تأثيره. الآثار المترتبة على هذا النوع من القوة كارثية على المدى القصير والطويل وتضر بصحة المنشأة. القوة القسرية بمكان العمل تستنزف المواهب وتدمر الروح المعنوية، و تؤثر على سمعة المجموعة ، مما يجعل عملية التوظيف صعبة. كذك وربما الأكثر أهمية ، هذا النوع من بيئة الطاقة العدائية في مكان العمل غير قانوني. في بعض المنشئات يقوم صاحب القوة القسرية على التحكم في سلوك الموظفين من خلال ضمان التزامهم بسياسات المنظمة وقواعدها.

القوة المرجعية

يمتلك الفرد سلطة مرجعية عندما يستمتع الناس بالتواجد حولهم أو حتى يرغبون في أن يكونوا مثلهم. قوة المرجع يستخدمها أشخاص يتمتعون بالكاريزما والنزاهة والصفات الإيجابية الأخرى، وهي أثمن أنواع القوة.

القوة الشرعية

أحيانًا ما تسمى القوة الشرعية أيضًا بالسلطة الاسمية ، في إشارة إلى اللقب الرسمي الذي قد يحمله الشخص ضمن الهيكل التنظيمي في المنشأة. القوة الشرعية تعتبر ممنوحة وعليها يتمتع الذين لديهم لقب أعلى بمكانة أعلى من أولئك الذين لديهم لقب أقل أهمية أو ليس لديهم أي عنوان على الإطلاق. على سبيل المثال ، يتمتع مدير القسم بسلطة أكثر من المدير ولكن أقل من نائب الرئيس. يجب على الأفراد الذين يتمتعون بهذه القوة أن يكونوا حريصين على العمل حتى يحترمهم من هم تحتهم ويستجيبون بشكل إيجابي. أولئك الذين يسيئون استخدام هذه السلطة يمكن عزلهم من مناصبهم.

قوة الخبراء

عندما يكون لدى شخص ما معرفة أو مهارات خاصة في مجال ما ، غالبًا ما يطلق عليه اسم خبير. في مكان العمل ، يبرز الموظف إذا كانت لديه مهارة خاصة أو مجال خبرة ، مما يمنحه مستوى معينًا من الأهمية. تحظى آراء وأفكار وقرارات الأشخاص ذوي الخبرة في الاعتبار من قبل الموظفين الآخرين وبالتالي تؤثر بشكل كبير على أفعالهم.

قوة المكافأة

يدور هذا النوع من القوة حول القدرة على التأثير في زيادات الرواتب ، والمكافآت ، والترقيات ، والألقاب ، والامتيازات ، وحتى الوصول. وتعتبر قوة ايجابية اذا تم استخدامها بشكل جيد ، يمكن أن تساعد العمال المستحقين في الحصول على ما كسبوه ؛ و إذا تم تطبيقها بشكل سيئ ، فقد تفسد النظام ، ويكافئ المفضلين أو الموالين ويضعف معنويات الموظفين الجيدين وتقلل انتاجيتهم.

تم إضافة نوعين من القوة لاحقا وهي كالتالي:

القوة المعلوماتية

إذا كان لدى الشخص إمكانية الوصول إلى معلومات معينة لا يمتلكها الآخرون ، فإنه يتمتع بشعور من القوة على الآخرين. وهي سلاح ذو حدين إنها "المطلعة" وسيُطلب منها تقديم البصيرة والتوجيه في المجالات التي لا يعرف فيها الآخرون. قد تكون قوة قصيرة المدى لكنها قد تكون مهمة للغاية، كمثال، وجود موظف وحيد في المنظمة الذي يفهم جزءًا حيويًا من المعلومات لمشروع ما. أو أن يكون الشخص على علم بمعلومات سرية عالية المستوى قد تعاني منها المنظمة ، إذا تم الكشف عن هذه التفاصيل داخليًا أو خارجيًا. يمكن أن يكون هذا النوع من القوة في مكان العمل ضروريًا أو شديد الخطورة في الأيدي الخطأ. تختلف هذه القوة قليلاً عن قوة الخبراء في ذلك النطاق المحدود ويمكن أن تضيع بمجرد حصول الآخرين على نفس المعلومات.

قوة الاتصال

إنها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالقوة المرجعية ، ولكنها تختلف من حيث أن الشخص قد يتمتع بميزة على الآخرين بسبب علاقاته الواسعة. فقد يكون الشخص الذي لدية علاقات واسعة قادرًا على إنجاز الأمور أو الوصول إلى صانعي القرار عندما لا يفعل الآخرون ذلك. في مجال الأعمال ، يعتبر التواصل وقوة العلاقات مفتاح لإجراء اتصالات مع صانعي القرار والقادة ذوي التأثير. إذا تم استخدامها بشكل صحيح ، يمكن أن تفيد الموظف وفريقه، واذا تم استخدامها بشكل سلبي بالإمكان ان تسبب الغيرة والازدراء والشعور بأن "هذا ليس عدلاً" ويفرض نوعًا من المنافسة غير الصحية.

أخيراً وبعد الإطلاع على انواع واشكال القوة واستخداماتها، هل قررت مانوع القوة الذي تريد استخدامه حتى تتمكن من التنقل في الهيكل الوظيفي للمنشأة بشكل صحي وايجابي. اي نوع من القادة تريد أن تكون؟ كيف ستستخدم قوتك وتأثيرك من أجل الصالح العام للمنشأة؟

بالنسبة للقائد او المدير، ستمكّنك معرفة كيفية استخدام قوتك من الاختيار بوعي لتهيئة مناخ صحي وإيجابي في مكان العمل، حيث يمكن للجميع أن يكون منتجاً فيه وأن يبذل قصارى جهده في إنجاح المنشأة بشكل عام.

دمتم بود،

نبال