إلقاء الضوء على رواية، قواعد العشق الأربعون، لكاتبتها، أليف شافاق

قواعد العشق الأربعون

(رواية عن جلال الدين الرومي)، لكاتبتها، إليف شافاق

لم أقرأ في حياتي الكثير من الروايات لأنها لا تستهويني كثيراً. سبق وقرأت ثلاث روايات بحياتي، الرواية الأولى "جين آيير" لكاتبتها، شارلوت برونتي، والأخرى، "وذرينغ هايتس"،"مرتفعات وذرينغ" لكاتبتها، إيميلي برونتي، والثالثة، "جريت إكسبكتيشنز" ،"آمال عظيمة" لكاتبها، تشارلز ديكنز.

والرابعة التي ستضاف الى القائمة هي، "قواعد العشق الأربعون". أثناء و بعد القراءة وكعادتي أبحث عن بعض المعلومات عن الكتب التي أقرأها، لكي أرى ماكُتِب عنها من مراجعات.

وجدت الكثير من الإنتقاد و الإستحسان للرواية، والأكيد بالنسبة لي دائما هو أخذ ما يناسبني من أفكار وترك ما لا يقنع عقلي و لا يتماشى مع تفكيري. بالنسبة لي الرواية كانت طويلة من 512 صفحة أنهيت قرأتها في يومين على غير العادة لأنها شدتني بالفعل.

تنقسم الرواية على خطّين زمنين، الأول، قصة إيلا، والثاني قصة جلال الدين الرومي و توأم روحه شمس التبريزي.

قصة إيلا

إيلا زوجة و أم تعيش في ولاية ماساشوستس، الأمريكية في عام 2008، وكانت تحس بالفراغ الذي يُحكى عنه بالتزامن في رحلة جلال الدين الرومي. بدأت في سن الأربعين بالعمل كناقدة أدبية وكانت أول الكتب التي عملت عليها رواية إسمها، "الكفر الحلو" لكاتبها عزيز زاهارا. فُتِنت إيلا بالقصة ومعها تغيرت لديها أفكار كثيرة أثرت على حياتها وجعلتها تبحث عن ما تريد حقيقة وتبحث عن ما تريد روحها وليس حياتها العادية بكل ما فيها من تفاصيل ذكرت بالكتاب والتي كانت نهايتها بِتركها لكل ماهو متعلق بحياتها الحاليه والبحث عن ما تريده روحها.

قصة جلال الدين الرومي و شمس التبريزي

تحكي القصة عن لقاء جلال الدين الرومي وبحثه ومن ثم لقائه بتوأم روحه شمس التبريزي الذي كان يمثل بالنسبة له ملء الفراغ الروحي لديه. تأخذ القصة مجراها في القرن الثالث عشر، في أماكن متعددة منها العراق وقونية. واللقاء الذي تم بين جلال الدين الرومي وشمس التبريزي وكل المواقف المختلفة التي مرو بها الى ما أنتهت رحلة أو رسالة شمس مع جلال الدين الرومي. والتحول الذي طرأ على جلال الدين بعد مجالسته لشمس و وصوله للعشق الذي كان يبحث عنه.

 

تأتي القصتين خلال الكتاب بدمج بين الزمنين المختلفة وتناقش الكثير من الأمور في الصوفية وبعض من أهم معتقداتهم وأفكارهم و حقيقة حب الله بالنسبة لهم، والبحث عن الحب بإختلافه لدى البشر والأهم رسالة الروح لكل شخص وهذا ما لفتني.

دائما عندما أقرأ أو أستمع للروايا والقصص والحكايات من حولنا لا أحاول إنتقادها بقدر ما أحترم جميع الأراء و ألأفكار، ولكن أخذ منها ما يفيدني و أترك ما لا يمكن قبوله بروحي، بمبادئي وعقلي ومنطقي.

 

جمعت لكم القواعد الأربعون للعشق كما تم سردها في الرواية، وهي كالتالي:

1- (إن الطريقة التي نرى فيها الله ما هي إلا إنعكاس للطريقة التي نرى فيها أنفسنا. فإذا لم يكن الله يجلب إلى عقولنا سوى الخوف والملامة، فهذا يعني أن قدراً كبيراً من الخوف والملامة يتدفق من نفوسنا. أما إذا رأينا أن الله مفعماً بالمحبة والرحمة، فإننا نكون كذلك).

2- (إن الطريق الى الحقيقة يمر من القلب، لا من الرأس. فأجعل قلبك، لا عقلك، دليلك الرئيسي. واجه، تحدَّ، وتغلب في نهاية المطاف على "النفس" بقلبك. إن معرفتك بنفسك ستقودك الى معرفة الله).

3- (إن كل قارى للقرآن الكريم يفهمه بمستوى مختلف بحسب عمق فهمه. وهناك أربع مستويات من البصيرة: يتمثل المستوى الأول في المعنى الخارجي، وهو المعنى الذي يقتنع به معظم الناس؛ ثم يأتي المستوى الباطني. وفي المستوى الثالث، يأتي باطن الباطن؛ أما المستوى الرابع، فهو العمق ولا يمكن الإعراب عنه بالكلمات، لذلك يتعذر وصفه).

4- (يمكنك أن تدرس الله من خلال كل شيء وكل شخص في هذا الكون، لأن وجود الله لا ينحصر في المسجد، أو الكنيسة أو في الكنيس. لكنك إذا كنت لا تزال تريد أن تعرف أين يقع عرشه بالتحديد، يوجد مكان واحد فقط تستطيع أن تبحث فيه عنه، وهو قلب عاشق حقيقي، فلم يعش أحد بعد رؤيته، ولم يمت أحد بعد رؤيته. فمن يجده يبقى معه إلى الأبد).

5- (يتكون الفكر والحب من مواد مختلفة. فالفكر يربط البشر في عقد، لكن الحب يذيب جميع العقد. إن الفكر حذِر على الدوام وهو يقول ناصحاً: "إحذر الكثير من النشوة"، بينما الحب يقول:"لا تكترث! أقْدِم على هذه المجازفة". وفي حين أن الفكر لا يمكن أن يتلاشى بسهولة، فإن الحب يتهدم بسهولة ويصبح ركاماً من تلقاء نفسه. لكن الكنوز تتوارى بين الأنقاض. والقلب الكسير يخبئ كنوزاً).

6- (تنبع معظم مشاكل العالم من أخطاء لغوية ومن سوء فهم بسيط. لا تأخذ الكلمات بمعناها الظاهري مطلقاً. وعندما تَلِج دائرة الحب، تكون اللغة التي نعرفها قد عفَّى عليها الزمن، فالشيء الذي لا يمكن التعبير عنه بالكلمات، لا يمكن إدراكه إلا بالصمت).

7- (الوحدة والخلوة شيئان مختلفان. فعندما تكون وحيداً، من السهل أن تخدع نفسك ويخيّل إليك أنك تسير على الطريق القويم. أما الخلوة فهي أفضل لنا، لأنها تعني أن تكون وحدك دون أن تشعر بأنك وحيد. لكن في نهاية الأمر، من الأفضل لك أن تبحث عن شخص، شخص يكون بمثابة مرآة لك. تذكّر أنك لا تستطيع أن ترى نفسك حقاً، إلا في قلب شخص آخر، وبوجود الله في داخلك).

8- (مهما حدث في حياتك، ومهما بدت الأشياء مزعجة، فلا تدخل ربوع اليأس. وحتى لو ظلت جميع الأبواب موصدة، فإن الله سيفتح دربا جديداً لك. احمد ربك! من السهل عليك أن تحمد الله عندما يكون كلّ شيء على ما يرام. فالصوفي لا يحمد الله على ما منحه الله إياه فحسب، بل يحمده أيضاً على كلّ ماحرمه منه).

9- (لا يعني الصبر أن تتحمّل المصاعب سلباً، بل يعني أن تكون بعيد النظر بحيث تثق بالنتيجة النهائية التي ستتمخض عن أي عملية. ماذا يعني الصبر؟ إنه يعني أن تنظر الى الشوكة وترى الوردة، أن تنظر الى الليل وترى الفجر. أما نفاد الصبر فيعني أن تكون قصير النظر ولا تتمكن من رؤية النتيجة. إن عشاق الله لا ينفذ صبرهم مطلقاً، لأنهم يعرفون أنه لكي يصبح الهلال بدراً، فهو يحتاج الى وقت).

10- (لا يوجد فرق بين الشرق والغرب، والجنوب والشمال. فمهما كانت وجهتك، يجب أن تجعل الرحلة التي تقوم به رحلة في داخلك. فإذا سافرت في داخلك ، فسيكون بوسعك اجتياز العالم الشاسع وما وراءه).

11- (عندما تجد القابلة أن الحبلى لا تتألم أثناء المخاض، فإنها تعرف أن الطريق ليس سالكاً بعد لوليدها، فلن تضع وليدها إذاً، ولكي تولد نفس جديدة يجب أن يوجد ألم. وكما يحتاج الصلصال إلى حرارة عالية ليشتّد، فالحبّ لا يكتمل إلا بالألم).

12- (إن السعي وراء الحب يغيّرنا. فما من أحد يسعى وراء الحب إلا وينضج أثناء رحلته. فما إن تبدأ رحلة البحث عن الحب، حتى تبدأ تتغير من الداخل ومن الخارج).

13- (يوجد معلمون مزيفون وأساتذة مزيفون في هذا العالم أكثر عددا من النجوم في الكون المرئي. فلا تخلط بين الأشخاص الأنانيين الذين يعملون بدافع السلطة وبين المعلمين الحقيقيين. فالمعلم الروحي الصادق لا يوجّه انتباهك إليه ولا يتوقّع طاعة مطلقة، أو إعجاباً تاماً منك، بل يساعدك على أن تقدّر نفسك الداخلية وتحترمها. إن المعلمين الحقيقيين شفّافون كالبلور، يعبر نور الله من خلالهم).

14- (لا تحاول أن تقاوم التغييرات التي تعترض سبيلك، بل دع الحياة تعيش فيك. ولا تقلق إذا قلبت حياتك رأساً على عقب. فكيف يمكنك أن تعرف أن الجانب الذي اعتدت عليه أفضل من الجانب الذي سيأتي؟).

15- (إن الله منهمك في إكمال صنعك، من الخارج ومن الداخل. إنه منهمك بك تماماً. فكل إنسان هو عمل متواصل يتحرك ببطء لكن بثبات نحو الكمال. فكل واحد منا عبارة عن عمل فني غير مكتمل يسعى جاهداً للإكتمال. إن الله يتعامل مع كل واحد منا على حدة لأن البشرية لوحة جميلة رسمها خطاط ماهر تتساوى فيه جميع النقاط من حيث الأهمية لإكمال الصورة).

16- (من السهل أن تحب إلهاً يتصف بالكمال، والنقاء، والعصمة. لكن الأصعب من ذلك أن تحب إخوانك البشر بكل نقائصهم وعيوبهم. تذكر، أن المرء لا يعرف إلا ما هو قادر على أن يحب. فلا حكمة من دون حب. وما لم نتعلم كيف نحب خلق الله، فلن نستطيع أن نحب حقاً ولن نعرف الله حقاً).

17- (إن القذارة الحقيقة تقبع في الداخل، أما القذارة الأخرى فهي تزول بغسلها. ويوجد نوع واحد من القذارة لا يمكن تطهيرها بالماء النقي، وهي لوثة الكراهية والتعصب التي تلوّث الروح. نستطيع أن نطهّر أجسامنا بالزهد والصيام، لكن الحب وحده هو الذي يطهّر قلوبنا).

18- (يقبع الكون كله داخل كل إنسان ـ في داخلك. كلّ شيء ترينه حولك، بما في ذلك الأشياء التي قد لا تحبينها، حتى الأشخاص الذين تحتقرينتم أو تمقتينهم، يقبعون في داخلك بدرجات متفاوتة. لذلك، لا تبحثي عن الشيطان خارج نفسك ـ أيضاً. فالشيطان ليس قوة خارقة تهاجمك من الخارج، بل هو صوت عادي ينبعث من داخلك. فإذا تعرّفت على نفسك تماماً، وواجهت بصدق وقسوة جانبيك المظلم والمشرق، عندها تبلغين أرقى أشكال الوعي. وعندما تعرفين نفسك، فإنك ستعرفين الله).

19- (إذا أراد المرء أن يغيّر الطريقة التي يعامله فيها الناس، فيجب أن يغير أولاً الطريقة التي يعامل فيها نفسه. وإذا لم يتعلّم كيف يحب نفسه، حباً كاملاً صادقاً، فلا توجد وسيلة يمكنه فيها أن يحب. لكنه عندما يبلغ تلك المرحلة، سيشكر كلّ شوكة يلقيها عليه الآخرون. فهذا يدل على أن الورود ستنمهر عليه قريباً)...(كيف يمكن للمرء أن يلوم الآخرين لأنهم لا يحترمونه إذا لم يكن يعتبر نفسه جديراً بالإحترام؟).

20- (لا تهتمي إلى أين ستقودك الطريق، بل ركّزي على الخطوة الأولى. فهي أصعب خطوة يجب أن تتحملي مسؤوليتها. وما إن تتخذي تلك الخطوة دعي كلّ شيء يجري بشكل طبيعي وسيأتي ما تبقى من تلقاء نفسه. لا تسيري مع التيار، بل كوني أنتِ التيار).

21- (لقد خلقنا الله جميعًا على صورته، ومع ذلك فإننا جميعاً مخلوقات مختلفة ومميزة. لا يوجد شخصان متشابهان، ولا يخفق قلبان لهما الإيقاع ذاته، ولو أراد الله أن نكون متشابهين، لخلقنا متشابهين. لذلك، فإن عدم احترام الاختلافات وفرض أفكارك على الآخرين، يعني عدم احترام النظام المقدس الذي أرساه الله).

22- (عندما يدخل عاشق حقيقي لله إلى حانة، فإنها تصبح غرفة صلاته، لكن عندما يدخل شارب الخمر إلى الغرفة نفسها، فإنها تصبح خمارته، ففي كلّ شيء نفعله، قلوبنا هي المهمة، لا مظاهرنا الخارجية. فالصوفيون لا يحكمون على الآخرين من مظهرهم أو من هم؛ وعندما يحدّق صوفي في شخص ما، فإنه يغلق عينيه ويفتح عينًا ثالثة ـ العين التي ترى العالم الداخلي..).

23- (ما الحياة إلا دين موقت، وما هذا العالم إلا تقليد هزيل للحقيقة. والأطفال فقط هم الذين يخلطون بين اللعبة والشيء الحقيقي. ومع ذلك، فإما أن يفتتن البشر باللعبة، أو يكسروها بازدراء ويرموها جانباً. في هذه الحياة تحاشى التطرف بجميع أنواعه، لأنه سيحطم اتزانك الداخلي).

24- (يتبوأ الإنسان مكانة فريدة بين خلق الله، إذ يقول عز وجل: (ونفخت فيه من روحي). فقد خُلقنا جميعاً، من دون استثناء، لكي نكون خلفاء الله على الأرض. فأسأل نفسك، كم مرة تصرفت كخليفة له، هذا إن فعلت ذلك؟ تذكر أنه يقع على عاتق كلّ منا إكتشاف الروح الإلهية في داخله حتى يعيش وفقها).

25- (إن جهنم تقبع هنا والآن، وكذلك الجنة. توقفوا عن التفكير بجهنم بخوف أو الحلم بالجنة، لأنهما موجودتان في هذه اللحظة بالذات. ففي كل مرة نحب، نصعد إلى السماء. وفي كل مرة نكره، أو نحسد، أو نحارب أحداً، فإننا نسقط مباشرة في نار جهنم).

26- (إن الكون كائن واحد. ويرتبط كلّ شيء وكلّ شخص بشبكة خفيّة من القصص. وسواء أدركنا ذلك أم لم ندرك، فإننا نشارك جميعاً في حديث صامت. لا ضرر ولا ضرار. كن رحيماً. ولا تكن نمّاماً، حتى لو كانت كلماتك بريئة، لأن الكلمات التي تنبعث من أفواهنا، لا تتلاشى بل تظل في الفضاء اللانهائي إلى ما لا نهاية، وستعود إلينا في الوقت المناسب. إن معاناة إنسان واحد تؤذينا جميعاً. وبهجة إنسان واحد تجعلنا جميعاً نبتسم).

27- (يشبه هذا العالم جبلاً مكسواً بالثلج يردّد صدى صوتك. فكل ما تقوله، سواء أكان جيداً أم سيئاً، سيعود إليك على نحو ما. لذلك إذا كان هناك شخص يتحدث بالسوء عنك، فإن التحدث عنه بالسوء بالطريقة نفسها يزيد الأمر سوءاً. وستجد نفسك حبيس حلقة مفرغة من طاقة حقودة. لذلك، انطق وفكّر طوال أربعين يوماً وليلة بأشياء لطيفة عن ذلك الشخص. إن كلّ شيء سيصبح مختلفاً في النهاية، لأنك ستصبح مختلفاً في داخلك).

28- (إن الماضي تفسير، والمستقبل وهم. إن العالم لا يتحرّك عبر الزمن وكأنه خط مستقيم، يمضي من الماضي إلى المستقبل. بل إن الزمن يتحرك من خلالنا وفي داخلنا، في لوالب لا نهاية لها. إن السرمدية لا تعني الزمن المطلق، بل تعني الخلود. "فإن أردتِ إختبار النور الأبدي، فعليكِ أن تُخرجي الماضي والمستقبل من عقلك وتظلي داخل اللحظة الراهنة).

29- (لا يعني القدر أن حياتك محددة بقدر محتوم. لذلك فإن ترك كلّ شيء للقدر، وعدم المشاركة في عزف موسيقى الكون دليل على جهل مطلق. "إن موسيقى الكون تعمّ كل مكان وتتألف من أربعين مستوى مختلفاً. إن قدرك هو المستوى الذي تعزفين فيه لحنك. فقد لا تغيّرين آلتك الموسيقية بل تبدلين الدرجة التي تجيدين فيها العزف").

30- (إن الصوفي الحق هو الذي يتحمل بصبر، حتى لو اتُهم باطلاً، وتعرض للهجوم من جميع الجهات، ولا يوجّه كلمة نابية واحدة إلى أيّ من منتقديه. فالصوفي لا ينحي باللائمة على أحد. فكيف يمكن أن يوجد خصوم أو منافسون أو حتى "آخرون" في حين لا توجد "نفس" في المقام الأول؟ كيف يمكن أن يوجد أحد يلومه في الوقت الذي لا يوجد فيه إلا "واحد"؟).

31-(إذا أردت أن تقوّي إيمانك، فيجب أن تكون ليناً في داخلك. لأنه لكي يشتد إيمانك، ويصبح صلباً كالصخرة، يجب أن يكون قلبك خفيفاً كالريشة. فإذا أصبنا بمرض، أو وقعت لنا حادثة، أو تعرضنا لخسارة، أو أصابنا خوف، بطريقة أو بأخرى، فإننا نواجه جميعاً الحوادث التي تُعلمنا كيف نصبح أقل أنانية وأكثر حكمة، وأكثر عطفاً. وأكثر كرماً. ومع أن بعضنا يتعلم الدرس ويزداد رقة واعتدالاً، يزداد آخرون قسوة. إن الوسيلة التي تمكنك من الاقتراب من الحقيقة أكثر تكمن في أن يتسع قلبك لإستيعاب البشرية كلها، وأن يظل فيه متسع لمزيد من الحب).

32- (يجب ألاّ يحول شيء بين نفسك وبين الله؛ لا أئمّة، ولا قساوسة، ولا أحبار، ولا أيّ وصي آخر على الزعامة الأخلاقية أو الدينية، ولا السادة الروحيون، ولا حتى إيمانك. آمن بقيمك ومبادئك، لكن لا تفرضها على الآخرين، وإذا كنت تحطّم قلوب الآخرين، فمهما كانت العقيدة الدينية التي تعتنقها، فهي ليست عقيدة جيدة).

33- (على الرغم من أن المرء في هذا العالم يجاهد ليحقق شيئاً ويصبح شخصًا مهماً، فإنه سيخلّف كل شيء بعد موته. إنك تهدفين الى بلوغ المرحلة العليا من العدم. عيشي هذه الحياة خفيفة و فارغة مثل الرقم صفر. إننا لا نختلف عن أصيص الزرع. فليست الزينة في الخارج، بل الفراغ في داخلنا هو الذي يجعلنا نقف منتصبي القامة. مثل هذا تماماً، فالوعي بالعدم وليس ما نتطلّع الى تحقيقه، هو الذي يبقينا نواصل الحياة).

34- (لا يعني الاستسلام أن يكون المرء ضعيفا ًأو سلبياً، ولا يؤدي إلى الإيمان بالقضاء والقدر أو الاستسلام، بل على العكس تماماً. إذ تكمن القوة الحقيقة في الاستسلام ـ القوة المنبعثة من الداخل. فالذين يستسلمون للجوهر الإلهي في الحياة، يعيشون بطمأنينة وسلام حتى عندما يتعرض العالم برمته إلى اضطراب تلو الاضطراب).

35- (في هذا العالم، ليست الأشياء المتشابهة أو المنتظمة، بل المتناقضات الصارخة، هي ما يجعلنا نتقدم خطوة إلى الأمام. ففي داخل كل منا توجد جميع المتناقضات في الكون، لذلك يجب على المؤمن أن يلتقي بالكافر القابع في داخله. وإلى أن نصل إلى اليوم الذي يبلغ فيه المرء مرحلة الكمال، مرحلة الإنسان المثالي، فإن الإيمان ليس إلا عملية تدريجية، ويستلزم وجود نظيره: الكفر).

36- (لقد خُلق هذا العالم على مبدأ التبادل؛ فكلّ امرئ يكافأ على كلّ ذرة خير يفعلها، ويعاقب على كلّ ذرة شر يفعلها. لا تخف من المؤامرات، أو المكر، أو المكائد التي يحيكها الآخرون؛ وتذكّر أنه إذا نصب لك أحدهم شركاً، فإن الله يكون قد فعل ذلك. آمن بذلك ببساطة وبصورة تامة. فكل ما يفعله الله، يفعله بشكل جميل).

37- (إن الله ميقاتيٌّ دقيق. إنه دقيق إلى حد أن ترتيبه وتنظيمه يجعلان كلّ شيء على وجه الأرض يتم في حينه، لا قبل دقيقة ولا بعد دقيقة. والساعة تمشي بدقة شديدة بالنسبة للجميع بلا استثناء. فلكلّ شخص وقت للحب ووقت للموت).

38- (ليس من المتأخر مطلقاً أن تسأل نفسك، هل أنا مستعد لتغيير الحياة التي أحياها؟ هل أنا مستعد لتغيير نفسي من الداخل؟ "وحتى لو كان قد تبقى من حياتك يوم واحد يشبه اليوم الذي سبقه، فإن ذلك يدعو الى الرثاء. في كلّ لحظة، ومع كلّ نَفَس جديد، يجب على المرء أن يتجدّد ويتجدّد ثانية. ولا توجد إلا وسيلة واحدة حتى يولد المرء في حياة جديدة وهي أن يموت قبل الموت).

39- (يوجد انسجام كامل وتوازن دقيق في كلّ ما في الكون وكلّ ما فيه. وتتغيّر النقاط باستمرار، وتحلّ إحداهما محل الأخرى، لكن الدائرة تظل كما هي. مع أن الأجزاء تتغيّر، فإن الكلّ يظل ذاته، لأنه عندما يغادر لصّ هذا العالم، يولد لصّ جديد، وعندما يموت شخص شريف، يحلّ مكانه شخص شريف آخر. وبهذه الطريقة لا يبقى شيء من دون تغيير، بل لا يتغيّر شيء أبداً أيضاً).

40- (لا قيمة للحياة من دون عشق. لا تسأل نفسك ما نوع العشق الذي تريده، روحي أم مادي، إلهي أم دنيوي، غربي أم شرقي … فالانقسامات لا تؤدّي إلا إلى مزيد من الانقسامات. ليس للعشق تسميات ولا علامات ولا تعاريف. إنه كما هو، نقي بسيط. "العشق ماء الحياة. والعشيق هو روح من النار!" "يصبح الكون مختلفاً عندما تعشق النار الماء").

 

أخيرا، أتمنى لكم قراءة ممتعة وإنتقال بأفكار بين زمنين مختلفين، ولكن ومع إختلاف الأزمنة يلتقي الكثير من الأفكار فيها وفي جميع الأزمنة المختلفة تقريبا حتى زمننا الحاضر..

دمتم بود

نبال